Thursday, June 11, 2015

أردوغان يفضح السيسي في 5 رسائل قاسية


بوابة الحرية و العدالة


Share
اضغط للتكبير
أردوغان
10/06/2015 01:56 م
هلل الشامتون والمتنطعون على موائد الانقلاب العسكرية لنتائج الانتخابات البرلمانية التركية والتي عجز خلالها حزب العدالة والتنمية عن الحفاظ على الأغلبية المطلقة، واكتفى بحصد 41% من أصوات الناخبين في عُرس ديمقراطي راق وتجربة لا يوجد لها نظير في تاريخ حكم العسكر أو نموذج يمكن التدليل من خلاله على نزاهة أنظمة البيادة.
 
نجاح الحزب التركي الحاكم –صاحب المرجعية الإسلامية- في الفوز بالانتخابات التركية بالحصول على 258 مقعدًا مقابل 132 مقعدًا لحزب الشعب الجمهوري، وصعود مفاجئ لحزب الشعوب الكردي، أجبر الجميع على الانحناء أمام التجربة التركية الديمقراطية في ظل حكم حزب لم يمض على تأسيسه 15 عامًا، ولم يكن سقوطه الذي أسعد لاعقي البيادة وحلفاءهم في الإمارات والكيان الصهيوني سوى دليل على فشل محاولات إسقاط شعبية أردوغان عبر تدفق قرابة 2 مليار دولار من واشنطن وأبو ظبي قبيل الانتخابات، فضلاً عن تدبير تفجيرات في معسكر الأحزاب المنافسة لتلطيخ سمعة حزب أردوغان.
 
إلا أن الشعب في الختام جدد الثقة في الرئيس القوي، الرئيس التركي الذي كان يسعى من خلال الأغلبية المطلقة إلى الانطلاق نحو تركيا الجديدة والتخلص تمامًا من عباءة كمال أتاتورك وتشكيل الحكومة، ومن ثم العمل على تعديل الدستور نحو دولة رئاسية لا زال يمتلك خيوط اللعبة ويمكنه تحويل الدفة كاملة لصالحه عبر التحالف مع أحد الأحزاب المنافسة لسد العجز الذي يكفل له الأغلبية المنشودة والتي يفصله عنها 18 مقعدًا فقط، فضلاً عن فشل تشكيل حكومة ائتلافية خلال 45 يومًا ما يجبر جميع الأطراف على إعادة الانتخابات، ووقتها يصبح لكل حدث حديث.
 
ودون الخوض في تفصيلات الانتخابات التركية ومآلات النتائج التى خلصت إليها، يكفي قراءة 5 رسائل قاسية وجهها الرئيس الشرعي المنتخب رجب طيب أردوغان إلى قائد الانقلاب الفاشي عبد الفتاح السيسي عبر العرس الديمقراطي: ديمقراطية الإسلاميين 15 عامًا فقط هي عمر حزب العدالة والتنمية على رأس السلطة في تركيا، نجح خلالها الحزب الإسلامي في إحداث طفرة نوعية ونمو غير مسبوق ونهضة في كافة المجالات الاقتصادية والعسكرية والاجتماعية السياسية واستعادة أنقرة موقعها كقوة إقليمية محورية تفرض كلمتها على الجميع وتجبر الكل على احترامها، وهو الأمر الذي انعكس بجلاء على مستوى دخل الفرد ومعدلات التنمية والانتقال بالدولة من سنوات القمع وضيق الاستبداد إلى رحابة الحرية وسعة الديمقراطية.
 
الحزب الحاكم
ورغم كل تلك الإنجازات التي لا ينكرها معارض ولا يجحدها منافس، نجح في انتزاع 41% فقط من أصوات الناخبين بتراجع قرابة 9% عن الانتخابات الماضية مقابل 24% لأقرب منافسيه "الشعب"، وهو ما يعكس حجم الديمقراطية والتنافسية التي تشهدها الدولة التركية، تلك النتائج التي تعيد للأذهان الديمقراطية التي مر من خلالها حزب الحرية والعدالة في مصر إلى البرلمان وانتخاب الرئيس الشرعي محمد مرسي على رأس السلطة بنسبة 51%، والاستفتاء على دستور الثورة بنسبة 63% ما يعكس الديمقراطية التي تنعم بها الشعوب في ظل الحكم الإسلامي.
 
إلا أن السيسي الذي تصدر المشهد في غفلة من الزمان ودفعه رجال الأعمال وعصابة الدولة العميقة إلى الاستيلاء على السلطة إثر انقلاب عسكري ودون برنامج انتخابي، برهن على أن الديمقراطية في قواميس العسكر لا تعرف سوى الـ"تسع تسعات"، فالمشير الذي أراق دماء الآلاف في الميادين والشوارع وكمم الأفواه واحتل السلطة على ظهر دبابة حصل على 98% من أصوات الناخبين، واستفتى على دستور العسكر بـ96%، بينما كان نصيب حزب الإنجازات من أصوات الأتراك 41% ما يعكس الفارق بين من تصفه الأذرع الإعلامية بـ"الديكتاتور التركي" وبين صاحب عبارة "وبكره تشوفوا مصر".
 
احتواء الجميع
ارتقى أردوغان ورفاقه إلى سدة الحكم في تركيا في وحدة من المنعطفات الصعبة في تاريخ البلد الأوروبي؛ حيث التضخم الاقتصادي والتوتر المجتمعي وأنين الشعب تحت وطأة الفاشية العسكرية وحكم الحزب الأوحد، وتوترات في الجنوب من جانب الأكراد وإقصاء تام للتيار الإسلامي من المشهد السياسي، إلا أن العدالة والتنمية رسم خارطة طريق حقيقية هدف من خلالها إلى تحقيق نمو سريع للبلاد ودمج كافة القوى في بوتقة العمل السياسي لخلق مناخ تنافسي يعود بالنفع على الشعب. وبالفعل نجح الحزب الإسلامي في تحقيق نمو اقتصادي غير مسبوق حتى بات ينافس على المراكز الأولى في لائحة الدول الاقتصادية الكبرى بعد أن قضى عقودًا في ذيل الترتيب، ونجح في احتواء الأكراد وإجبارهم على التخلي عن السلاح ودمجهم في المجتمع التركي وسمح لهم بالتمتع بكافة الحقوق المسلوبة وتحول الأكراد من العداء إلى التنافس وقرروا اقتحام المعترك السياسي عبر حزب الشعوب الديمقراطي، والذي نجح في فترة وجيزة في اكتساب شعبية واسعة ليحصل على 13% من أصوات الناخبين وينتزع قرابة 70 مقعدًا.
 
وإلى جانب الأكراد خرج الإسلاميون من غياهب السجون ومعتقلات العسكر إلى سدة الحكم ومارسوا الديمقراطية بشكل نموذجي وحظي الجميع بحرية غير مسبوقة مارس خلالها الشعب على مختلف طوائفه حقوقه واستعادة البلد الأوروبي الوجهة الإسلامية في الشعائر والممارسات وحرية ارتداء الحجاب وهي الحقوق التي ظلت مسلوبة طول عقود.
 
وفي المقابل عمل السيسي من اليوم الأول على إقصاء الجميع؛ فحظر التيار الإسلامي بأحزابه الحرية والعدالة والبناء والتنمية واعتقل قيادات حزب الوسط ولاحق قيادات أحزاب الوطن والفضيلة والأصالة، واعتبرها كيانات إرهابية، ولم تسلم منه حركات 6 أبريل وروابط الأولتراس الشبابية، وقتل نشطاء من الاشتراكيين الثوريين، وفتح المعتقلات لاستيعاب عشرات الآلاف، ولاحق الثوار وأحرار الوطن بالأحكام الجائرة والاعتقالات والسحل والتعذيب، وسن التشريعات القمعية سيئة السمعة من عينة "الكيانات الإرهابية" و"التظاهر" و"التوسع في الاشتباه السياسي" وتوسع في بناء المعتقلات بزيادة 4 سجون جديدة في حلوان والجيزة والمنيا وجمصة، وبات لا صوت يعلو فوق صوت العسكر.
 
المعارضة الحقيقية
برهن التيار الإسلامي على أنه لا يجيد لعب السياسة إلا في وجود معارضة حقيقية تعمل على خلق بيئة تنافسية ويقيس من خلالها الحزب الإسلامي شعبيته في الشارع صعودًا وهبوطًا، ومن ثم يعمل على تعديل سياسته بما يتوافق على تغيرات المشهد، وهو ما حدث في مصر مع حزب الحرية والعدالة في ظل تفاوت النسب التي حصل عليها من البرلمان إلى الرئاسة إلى الدستور في ظل معارضة قوية "مدعومة من العسكر" متمثلة في أحزاب حصلت على كامل حقها في التنافس وانتزعت حقها بقوة الدستور ومارست نشاطها ومعارضتها بمنتهي الأريحية.
 
وبالمثل لم يجد حزب العدالة والتنمية صاحب الإنجازات الرائعة في تركيا الطريق ممهدًا نحو البرلمان، بل عانى الأمرين من أجل حصد الأغلبية وإقناع الشعب بالتعديلات التي أجرها على برنامجه الانتخابي دون أن يركن إلى التنمية الشاملة التي حققها، وعمل على التطوير من أداءه، ومع كل لم يحصل على مبتغاه بأغلبية مطلقة ووجد تنافسًا من أحزاب حقيقية وليست كرتونية، دخلت المعترك بقوة ونافست بشدة وحصلت على نسب كبيرة، فحل حزب الشعب الجمهوري على 132 مقعدًا بنسبة 24.99%، وحزب الحركة القومية على 80 مقعدًا بنسبة 16.35%، وحزب "الشعوب الديمقراطي" على نفس عدد أقل قليلاً من المقاعد بنسبة 13.11%، وحصل باقي المرشحين على أقل من 4%.
 
غير أن السيسي وخارطة طريقه المزعومة لا ترغب في معارضة حقيقية وإنما أحزاب كرتونية لا تسمع لها همسًا وتغرق في مشاكلها الداخلية ورقصاتها الماجنة، والترويج والتطبيل للزعيم الحاكم، في مشهد مستنسخ من ستينيات القرن الماضي، ودولة الحزب العسكري الواحد، مع يعكس بجلاء حجم ديكتاتورية أردوغان وسماحة السيسي!.
 
الكلمة للشعب
لم يحتكر الحزب الحاكم في تركيا والقابع في سدة الحكم لقرابة 15 عامًا متتالية أجبر خلالها الجميع على احترام بلاده إرادة الشعب ولم يفتئت على حق الأتراك في التعبير عن طموحاتهم ومنح ثقتهم لمن أرادوا، فتحركت الأحزاب في جولات انتخابية مكثفة، واستقبل الشعب البرامج الانتخابية دون خوف أو تردد، وانفتح على الجميع وراقب المشهد، واستمع إلى صوت العقل ومصلحة الوطن، فكانت المحصلة نجاح العدالة والتنمية بنسبة لا تسمح إلا بحكومة ائتلافية أو خلق تحالفات حزبية ترجح كفة طرف على آخر.
 
بينما في مصر السيسي فإن الكلمة الأولى والأخيرة للعسكر، فغير مسموح بتحركات الأحزاب، ولا مجال للحديث عن معارضة أو تدخل من الشعب لفرض هذا أو ذاك، وهو ما انعكس بجلاء في مسرحية الانتخابات الرئاسية والتي عزف عنها الشعب ولم تطرح الأحزاب الكرتونية الديكورية مرشحين لمنافسة الزعيم الأوحد، واضطر الجنرالات للدفع بالكومبارس حمدين صباحي لاكتمال المشهد الهزلي واكتملت الدراما بحصول المنافس على المركز الثالث في الترتيب بعد الأصوات الباطلة.
 
وأكد العسكر الرغبة في الاستثمار بالسلطة على حساب الشعب، بالإمعان في تكميم الأفواه وكبت الحريات، وإجراء تعديلات أحادية الجانب على خارطة الطريق المزعومة والتي ألزم بها نفسه ابتداءً، فضلاً عن المماطلة في إجراء انتخابات برلمانية تنتزع منه حق التشريع أو تأتي ببرلمان على غير هوى الانقلاب، لذلك استمر في التأجيل لحين صناعة مجلس شعب على عين العسكر لا يعرف لغة الـ41% وإنما يضرب بقوة 99.99%.
 
حرية الإعلام
لا يحتاج الأمر إلى تدقيق لقياس مدى حرية الرأي والإعلام وتبادل المعلومات في تركيا، والتي تصل في بعض الأحيان إلى درجة الفجاجة في انتقاد الحكومة أو الرئاسة، حيث لا أحد فوق المحاسبة أو النقد أو المراقبة، فتفجرت كبريات قضايا الفساد والتي تعامل معها الحزب الحاكم بحسم وحزم، ووصل النقد إلى درجة التطاول وتهديد أردوغان بانتظار حكم الإعدام كما حدث مع الرئيس الشرعي في مصر، ولم يترك حزب الشعب المعارض نافذة إعلامية دون أن يقتحمها للهجوم على أردوغان ورفاقه دون أي تضييق أو حصار أو ملاحقة، حتى وصل حال البلاد إلى تلك الحالة من التنافسية التي تعكس المناخ الديمقراطي وتعود على البلاد بالرخاء والنهوض. وفى المقابل، لم تكد تمر ساعات قلائل على انقلاب السيسي على الثورة حتى أغلق القنوات وحاصر الصحف وقصف الأقلام واعتقل عشرات الصحفيين وقتل آخرين، فأظلمت شاشات الرحمة، ومصر 25، والجزيرة مباشر مصر، والناس، والحافظ، وسوريا الغد، واليرموك، وغيرها، وصادرت صحف الحرية والعدالة والشعب وغيرها من المواقع الإلكترونية، وقتل من أصحاب الكاميرات والأقلام أحمد عاصم وميادة أشرف وتامر عبد الرءوف وغيرهم، واعتقل العشرات ممن تعج بهم السجون إبراهيم الدراوي وحسام عيسى وأحمد سبيع وهاني صلاح وغيرهم الكثير.
 
واضطر آلاف الإعلاميين على الفرار من البلاد، كما انقلب العسكر على من استعان بهم من قبل من الإعلاميين مثل يسري فودة وريم ماجد وباسم يوسف وإسلام البحيري، ليردد الإعلام صوت واحد، ويدوي في الأذان بوق الاستبداد، وليجيب أردوغان عبر تجربة رائدة على سؤال هزلي: من هو الديكتاتور؟!
 

No comments:

Post a Comment